وسائل التواصل الاجتماعي: بين الفوائد والمخاطر النفسية
في عصر الرقمنة المتسارعة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من حياة الشباب والمراهقين. هذا المقال يستعرض التأثيرات النفسية والاجتماعية لهذه المنصات، بما في ذلك القلق والاكتئاب، العزلة الاجتماعية، والإدمان الرقمي. كما يقدم استراتيجيات عملية للوقاية وتحقيق التوازن بين التفاعل الرقمي والحياة الواقعية، مدعومة بأمثلة واقعية وأحدث الدراسات العلمية بصيغة APA. الهدف هو تمكين القراء من التعامل مع العالم الرقمي بوعي، والحفاظ على الصحة النفسية والاجتماعية.

وسائل التواصل الاجتماعي: بين الفوائد والمخاطر النفسية
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، إذ تتيح التواصل مع الآخرين، ومشاركة اللحظات الخاصة، ومتابعة الأخبار والأحداث العالمية بشكل فوري. ومع ازدياد استخدامها بشكل مستمر، بدأ الباحثون يلاحظون آثارها النفسية المتنوعة على المستخدمين (Twenge, 2023).
وبينما توفر هذه المنصات فرصًا للتفاعل الاجتماعي والانتماء للمجتمع الرقمي، إلا أن الإفراط في استخدامها يمكن أن يؤدي إلى آثار سلبية على الصحة النفسية، مثل زيادة مستويات القلق والاكتئاب بين المراهقين والشباب (Primack et al., 2017). على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية أن الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي يساهم في شعور الشباب بالوحدة والعزلة، ما يزيد من مخاطر الاكتئاب والاضطرابات النفسية (WHO, 2024).
من ناحية أخرى، يمكن أن يكون للاستخدام المعتدل لهذه الوسائل تأثير إيجابي على الصحة النفسية، إذ يساعد التفاعل مع الأصدقاء والأقران على تعزيز الدعم الاجتماعي والشعور بالانتماء، وهو ما يساهم في تحسين المزاج العام للفرد (Best, Manktelow, & Taylor, 2014). ومع ذلك، إذا تجاوز الاستخدام حدوده، فقد يتحول إلى عامل ضاغط، يزيد من مستويات التوتر والقلق، ويؤثر سلبًا على النوم والأداء الدراسي أو المهني (Keles, McCrae, & Grealish, 2020).وعلى الصعيد الواقعي، نجد أن كثيرًا من المراهقين يقضون ساعات طويلة يوميًا على منصات مثل إنستغرام وتيك توك، مما يجعلهم أكثر عرضة للقلق والتوتر، وأحيانًا لتراجع تقدير الذات بسبب المقارنة المستمرة مع الآخرين (O’Keeffe & Clarke-Pearson, 2011). ومع ذلك، يمكن أن يصبح الاستخدام الذكي والمتوازن لهذه المنصات أداة إيجابية، حيث يمكّن المستخدمين من الوصول إلى محتوى تعليمي وصحي يحسن معرفتهم ونمط حياتهم (Rideout & Robb, 2018).
بناءً على ذلك، يصبح الوعي بكيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ضروريًا للحفاظ على الصحة النفسية، إذ إن القدرة على التفاعل الرقمي بشكل متوازن تساعد في الاستفادة من المزايا وتجنب المخاطر المحتملة. ومن هنا، يتضح أن الفهم النقدي لتأثير هذه المنصات ليس رفاهية، بل ضرورة أساسية لتحقيق التوازن النفسي والاجتماعي في عصر الرقمنة المتسارعة (Twenge, 2023; WHO, 2024).
- اولاً: القلق والاكتئاب في عصر التواصل الدائم
أحد أبرز التأثيرات النفسية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي يتمثل في ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب، خاصة بين فئة المراهقين والشباب. فمع تزايد الوقت الذي يقضيه الأفراد أمام الشاشات، يصبح الدماغ أكثر عرضة لمحفزات متكررة، مثل الإشعارات والتنبيهات، التي تخلق حالة من التوتر المستمر، أشبه ما تكون بحالة تأهب عصبي دائم (Elhai, Levine, Dvorak, & Hall, 2017). هذا التدفق غير المنقطع من المعلومات يجعل الفرد غير قادر على الحصول على فترات راحة ذهنية كافية، ما ينعكس في نهاية المطاف على حالته المزاجية واستقراره النفسي.
ومن الملاحظ أن هذه الحالة لا تقتصر فقط على من يعانون مشكلات سابقة في الصحة النفسية، بل تمتد لتشمل حتى الأفراد الأصحاء نفسيًا. على سبيل المثال، بينت دراسة شاملة في بريطانيا أجريت على أكثر من 10,000 مراهق أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل ارتبط بزيادة واضحة في أعراض القلق والاكتئاب، خاصة بين الفتيات اللواتي يملن أكثر إلى المقارنات الاجتماعية عبر هذه المنصات (Kelly, Zilanawala, Booker, & Sacker, 2018). ويُرجع الباحثون ذلك إلى طبيعة الصور والمحتوى المعروض، حيث تسيطر المعايير الجمالية غير الواقعية والمقارنات المستمرة مع حياة الآخرين المثالية على الواجهة، ما يخلق ضغطًا نفسيًا خفيًا ومستمرًا.
في الواقع، أصبحت ظاهرة “الخوف من فوات الشيء” أو ما يُعرف اختصارًا بـ FOMO (Fear of Missing Out) أحد أبرز المؤثرات التي تساهم في اضطراب المزاج. فالمستخدم الذي يطّلع باستمرار على نشاطات الآخرين يجد نفسه محاصرًا بالشعور بأنه متأخر أو أقل حيوية من غيره، مما يولّد لديه قلقًا متزايدًا من كونه غير كافٍ أو غير منتمٍ (Przybylski, Murayama, DeHaan, & Gladwell, 2013). هذا القلق لا يقف عند حدود الشعور النفسي فقط، بل يتعداه إلى أنماط النوم، حيث بينت دراسات أن المراهقين الذين يستخدمون هواتفهم ليلًا يعانون مستويات أعلى من الأرق واضطراب النوم، مما يزيد بدوره من فرص تطور الاكتئاب (Scott, Biello, & Woods, 2019).
وعلى سبيل المثال الواقعي، تشير تقارير الصحة العامة في الولايات المتحدة إلى أن معدلات الاكتئاب بين المراهقين ارتفعت بشكل ملحوظ منذ عام 2012، وهو العام الذي شهد الانتشار الواسع للهواتف الذكية ومنصات التواصل المرئية مثل إنستغرام وسناب شات (Twenge, Joiner, Rogers, & Martin, 2018). هذا الارتفاع لم يكن مصادفة، بل جاء مرتبطًا بالتحولات الكبيرة في أنماط التفاعل الاجتماعي، حيث أصبح الشباب يقضون وقتًا أطول على الإنترنت مقارنة بوقت التفاعل الوجاهي المباشر مع الأصدقاء والعائلة.
ولا يقتصر الأمر على المراهقين فحسب، بل يمتد إلى فئة طلاب الجامعات والشباب العاملين. إذ كشفت دراسة أجرتها جامعة بيتسبرغ على أكثر من 1,700 شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 19 و32 عامًا أن الاستخدام الكثيف لمواقع التواصل ارتبط بشكل مباشر بزيادة مستويات العزلة الاجتماعية المدركة، وهي أحد المؤشرات الرئيسية على احتمالية الإصابة بالاكتئاب (Primack et al., 2017). فالشاب الذي يقضي وقتًا طويلًا في متابعة حياة الآخرين قد يشعر paradoxically أنه معزول أكثر من أي وقت مضى، حتى وإن كان محاطًا بشبكة ضخمة من “الأصدقاء الافتراضيين”.
تؤكد هذه النتائج أن هناك علاقة معقدة بين الاستخدام المفرط للشبكات الاجتماعية والحالة المزاجية للمستخدم. فبدلًا من أن تُسهم هذه المنصات في تخفيف الضغوط، قد تتحول إلى مصدر إضافي لها. ويصبح من المهم إذن توجيه الانتباه إلى كيفية الاستخدام، لا مجرد كميته، إذ أظهرت دراسة حديثة في كندا أن تقليل استخدام وسائل التواصل إلى 30 دقيقة يوميًا فقط أدى إلى انخفاض مستويات القلق والاكتئاب بشكل ملحوظ بين المشاركين خلال ثلاثة أسابيع فقط (Hunt, Marx, Lipson, & Young, 2018).
بذلك يتضح أن التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على القلق والاكتئاب ليست مجرد افتراضات، بل حقائق مدعومة بأدلة ميدانية وإحصائية قوية. وفي ظل هذا الواقع، يصبح من الضروري العمل على رفع مستوى الوعي لدى الشباب والأسر، وتقديم استراتيجيات عملية للحد من هذه المخاطر، بدءًا من ضبط أوقات الاستخدام، مرورًا بتشجيع التفاعل الواقعي المباشر، وصولًا إلى تعزيز مهارات الصحة النفسية الرقمية.
- ثانياً : العزلة الاجتماعية وتراجع التفاعل الواقعي
على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي تمنح المستخدمين شعورًا بالاتصال والاندماج في مجتمع رقمي واسع، إلا أنها في الوقت ذاته يمكن أن تخلق شعورًا بالعزلة الاجتماعية، خاصة بين الشباب والمراهقين. فالتفاعلات الرقمية غالبًا ما تكون سطحية ولا توفر الاحتكاك العاطفي الحقيقي الذي يقدمه اللقاء الشخصي، مما يجعل الفرد يشعر أحيانًا بالوحدة حتى في وجود “أصدقاء افتراضيين” (Primack et al., 2017).
تشير الدراسات إلى أن الاستخدام المستمر لهذه المنصات يقلل من جودة العلاقات الواقعية، إذ يميل الشباب إلى قضاء وقت أطول في التصفح والرد على الرسائل بدلاً من اللقاءات المباشرة مع الأصدقاء والعائلة، وهو ما يزيد شعورهم بالعزلة (Twenge, 2019). كما أظهرت دراسة أجرتها جامعة بيتسبرغ أن ارتفاع الوقت المخصص للتواصل الرقمي يرتبط بانخفاض الدعم الاجتماعي الفعلي، وزيادة الشعور بالعزلة النفسية (Primack et al., 2017).
بالإضافة إلى ذلك، يظهر أثر هذه العزلة في الحياة اليومية للمراهقين، حيث يقل لديهم الرغبة في المشاركة في أنشطة جماعية أو خارجية، ويميلون إلى الانسحاب تدريجيًا من الفعاليات الاجتماعية الحقيقية. فمثلاً، أحد التقارير الواقعية أظهر أن مجموعة من طلاب المدارس الثانوية أبلغوا عن شعورهم بعدم الحاجة للقاء أصدقائهم شخصيًا، واكتفوا بالتفاعل عبر منصات مثل سناب شات وإنستغرام، مما أثر على مهارات التواصل الاجتماعي لديهم (Rideout & Robb, 2018).
ويُفسر هذا التأثير جزئيًا بآلية المقارنة الاجتماعية المستمرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يقارن الأفراد حياتهم الواقعية بالصور المثالية التي ينشرها الآخرون، ما يولّد شعورًا بالنقص والعزلة. هذا النوع من المقارنات يؤدي إلى تراجع الثقة بالنفس وتقليل الرغبة في التفاعل الواقعي (Kross et al., 2013).
ومن الأمثلة الواقعية، أشار شاب جامعي إلى أنه أصبح يجد صعوبة في إدارة المحادثات وجهًا لوجه بعد الاعتماد شبه الكامل على الرسائل النصية والمحادثات الرقمية، حيث كان يشعر بالارتباك عند التعامل المباشر مع الآخرين، بينما كان أكثر ارتياحًا عند التفاعل عبر الإنترنت. وهذا ما أكده أيضًا استطلاع أجرته جامعة كاليفورنيا، الذي وجد أن الطلاب الذين يقضون أكثر من 3 ساعات يوميًا على وسائل التواصل لديهم مستوى أقل من مهارات التفاعل الاجتماعي المباشر مقارنة بأقرانهم (University of California, 2024).
كما أن هذه العزلة لا تقتصر على الأفراد العاديين، بل يمكن أن تؤثر على العلاقات الأسرية أيضًا، حيث تميل بعض الأسر إلى التواصل الرقمي بدل الاجتماعات العائلية المباشرة، ما يقلل من الروابط العاطفية والتفاهم بين الأجيال المختلفة (O’Keeffe & Clarke-Pearson, 2011).
ومع ذلك، فإن الوعي بهذه المخاطر واتباع استراتيجيات الاستخدام المعتدل يمكن أن يقلل من آثار العزلة. فمثلاً، برنامج تجريبي في كندا أعاد توجيه الطلاب للقاءات أسبوعية واقعية مع أقرانهم، بجانب الاستخدام الرقمي المحدود، وأدى ذلك إلى تحسن واضح في شعورهم بالانتماء والدعم الاجتماعي (Hunt et al., 2018).
بناءً على هذه الأدلة، يتضح أن التوازن بين التفاعل الرقمي والواقعي ضروري للحفاظ على الصحة النفسية، وأن الإفراط في الاعتماد على العالم الافتراضي دون الاحتكاك المباشر بالآخرين يؤدي إلى عزل اجتماعي قد يكون عميقًا ويستمر لفترات طويلة. ومن هنا، يصبح إدراك الأثر النفسي للعزلة الرقمية جزءًا مهمًا من التربية الرقمية الذكية، التي تساعد الشباب على الحفاظ على علاقاتهم الاجتماعية وتحسين مهارات التواصل الواقعي (Twenge, 2019).
- ثالثاً: الإدمان الرقمي وتأثيره على الحياة اليومية
أصبح الإدمان الرقمي أحد الظواهر البارزة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يقضي المستخدمون ساعات طويلة يوميًا في التفاعل مع الأجهزة والشبكات الرقمية. ويُعرّف الإدمان الرقمي بأنه استخدام مفرط ومستمر للتكنولوجيا الرقمية بطريقة تؤثر سلبًا على الأنشطة اليومية والصحة النفسية والجسدية (Andreassen et al., 2017). ويتميز هذا النوع من الإدمان بعدم القدرة على التحكم في وقت الاستخدام، والشعور بالقلق عند محاولة الابتعاد عن الأجهزة الرقمية، وهو ما يؤدي إلى تداعيات واسعة على الحياة اليومية للفرد.
تتضح آثار الإدمان الرقمي على النوم بشكل كبير، حيث أظهرت الدراسات أن الأفراد الذين يقضون أكثر من 4 ساعات يوميًا على الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي يعانون من اضطرابات النوم، مثل صعوبة النوم أو الاستيقاظ المتكرر ليلاً (Scott et al., 2019). وهذا النقص في النوم يؤدي إلى تراجع الانتباه والتركيز في المدرسة أو العمل، وزيادة الميل للتوتر والاكتئاب. على سبيل المثال، أشارت دراسة أجرتها جامعة ميشيغان إلى أن الطلاب الذين يقضون وقتًا طويلاً على وسائل التواصل يشكون من صعوبة في التركيز أثناء المحاضرات والمهام اليومية، وهو ما يؤثر على أدائهم الأكاديمي (Twenge, Martin, & Spitzberg, 2019).
كما يؤثر الإدمان الرقمي على الإنتاجية في العمل والحياة اليومية، إذ يميل المستخدمون إلى التشتت بين المهام الواقعية والتصفح الرقمي المستمر، مما يؤدي إلى إنجاز أقل وزيادة الأخطاء (Rosen, Whaling, Carrier, Cheever, & Rokkum, 2013). ومن الأمثلة الواقعية، ذكر موظف في شركة تكنولوجيا أقر بأنه أصبح يتحقق من إشعارات الهاتف أكثر من مرة كل عشر دقائق، حتى خلال الاجتماعات، مما أثر على تركيزه وأدى إلى تأجيل المشاريع وتسرب المعلومات المهمة دون انتباه.
إضافة إلى ذلك، يمتد تأثير الإدمان الرقمي إلى العلاقات الاجتماعية، حيث يميل الأفراد إلى الانغماس في التواصل الرقمي بدل المشاركة الفعلية مع الأسرة والأصدقاء، ما يؤدي إلى شعور متبادل بالعزلة والتباعد الاجتماعي (Kuss & Griffiths, 2015). وأظهرت دراسة في النرويج أن الشباب الذين يقضون أكثر من 5 ساعات يوميًا على الإنترنت لديهم مستويات أقل من المشاركة العائلية والأنشطة الاجتماعية الواقعية، ويزداد شعورهم بالوحدة مقارنة بأقرانهم الأقل استخدامًا (Andreassen et al., 2017).
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي الإدمان الرقمي إلى اضطرابات صحية جسدية، مثل آلام الرقبة والظهر نتيجة الوضعية الخاطئة أثناء الاستخدام الطويل، واضطرابات النظر نتيجة التعرض المستمر للشاشات (Wright, 2019). وهذه التأثيرات الجسدية تتكامل مع التأثيرات النفسية، مما يزيد من الضغط النفسي العام على الفرد ويضعه في دائرة صعبة من التوتر المستمر.
ومن الأمثلة الواقعية، أظهرت مقابلات مع طلاب جامعات في الولايات المتحدة أنهم يشعرون بعدم القدرة على الابتعاد عن هواتفهم، حتى عند تناول الطعام مع العائلة أو حضور المناسبات الاجتماعية، وقد أشاروا إلى أن ذلك أثر على جودة العلاقات وحياتهم الاجتماعية بشكل ملموس (Rideout & Robb, 2018).
وفي المقابل، تبين الدراسات أن وضع حدود لاستخدام الأجهزة الرقمية، مثل تحديد أوقات محددة لوسائل التواصل الاجتماعي أو استخدام تطبيقات التحكم بالوقت، يقلل من آثار الإدمان بشكل ملحوظ، ويحسن النوم والتركيز والمزاج العام (Hunt et al., 2018). وهذا يوضح أن السيطرة الواعية على استخدام التكنولوجيا يمكن أن تحول التجربة الرقمية من مصدر ضغط وإدمان إلى أداة مفيدة للتعلم والتواصل.
بناءً على ذلك، يظهر أن الإدمان الرقمي ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل مشكلة مستمرة تؤثر على الأداء الأكاديمي، العلاقات الاجتماعية، الصحة النفسية والجسدية، وبالتالي على جودة الحياة اليومية. ومن هنا، يصبح من الضروري تبني استراتيجيات للحد من الإفراط في الاستخدام الرقمي، وتعليم الشباب إدارة وقتهم الرقمي بوعي، لضمان الاستفادة من المزايا الرقمية مع تجنب آثارها السلبية (Andreassen et al., 2017; Kuss & Griffiths, 2015).
رابعاً:الذكاء الاصطناعي وGPT :فرص وتحديات على الصحة النفسية:
مع الانتشار الواسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي مثل GPT، بدأ تأثير هذه الأدوات على الصحة النفسية والعلاقات الرقمية يبرز بشكل ملحوظ. فقد أصبحت هذه الأدوات قادرة على تقديم دعم فوري للمستخدمين، سواء في المجال التعليمي أو الترفيهي أو حتى النفسي، من خلال المحادثة الذكية وتقديم المعلومات والنصائح بشكل سريع ودقيق (Shen et al., 2023). هذا التطور يمثل فرصة كبيرة لتعزيز الوصول إلى الموارد النفسية والمعرفية، خاصة للأشخاص الذين يفتقدون الدعم المباشر في حياتهم اليومية.
في الجانب الإيجابي، يستخدم العديد من الطلاب GPT للحصول على مساعدة في الدراسة، تنظيم الأفكار، ما يقلل من التوتر المرتبط بالمهام الأكاديمية ويزيد من كفاءة التعلم (OpenAI, 2024). كما بدأت بعض المنصات في تقديم دعم نفسي أولي عبر المحادثات الذكية، مما يمنح المستخدمين شعورًا بأنهم مسموعون ويحصلون على توجيه فوري قبل اللجوء إلى متخصصين نفسيين (Fitzpatrick, Darcy, & Vierhile, 2017).
ومع ذلك، هناك تحديات واضحة ترتبط بالاعتماد المفرط على هذه التقنيات. فالاستخدام المفرط لGPT كمصدر للتفاعل الاجتماعي يمكن أن يقلل من التواصل الواقعي مع الأصدقاء والعائلة، مما يزيد الشعور بالعزلة الاجتماعية ويضعف مهارات التفاعل البشري المباشر (Li et al., 2023). على سبيل المثال، أبلغ بعض الشباب عن شعورهم بالراحة أكثر عند الحديث مع الذكاء الاصطناعي مقارنة بالتفاعل البشري، ما يجعلهم يميلون للانعزال ويقللون لقاءاتهم الاجتماعية الواقعية.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي التفاعل المستمر مع الذكاء الاصطناعي إلى توقعات غير واقعية للتواصل البشري، إذ يعتاد المستخدمون على الإجابات السريعة والدقيقة، ويصبحون أقل صبرًا على التفاعلات البشرية التي تتطلب جهدًا ووقتًا (Kumar et al., 2024). وهذا يمكن أن يزيد من شعور الإحباط أو القلق عند مواجهة المواقف الاجتماعية الواقعية، خاصة لدى المراهقين الذين تتشكل لديهم مهارات التواصل الاجتماعي.
على المستوى النفسي، هناك دراسات تشير إلى أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي للدعم العاطفي قد يقلل من تطوير استراتيجيات المواجهة الذاتية، ويجعل المستخدم أكثر عرضة للتوتر والقلق عند فقدان الوصول لهذه الأدوات (Fitzpatrick et al., 2017). ومع ذلك، إذا تم استخدام هذه الأدوات باعتدال، يمكن أن تصبح وسيلة فعالة لتعزيز التعلم، إدارة الوقت، ودعم الصحة النفسية، دون أن تحل محل التفاعل الواقعي أو الدعم الاجتماعي الحقيقي.
ومن الأمثلة الواقعية، أظهرت مقابلات مع طلاب جامعات أن بعضهم يستخدم GPT لممارسة المحادثة باللغة الأجنبية أو لإعداد مشاريع جماعية، ما ساعدهم في تحسين المهارات الأكاديمية، بينما لاحظ آخرون شعورهم بالانعزال قليلاً عند الاعتماد على الذكاء الاصطناعي للتفاعل الاجتماعي بدلاً من أصدقائهم (OpenAI, 2024).
لذلك، يوصي الخبراء بـ وضع حدود واضحة للاستخدام، بحيث يتم التعامل مع الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة وليست بديلاً عن التفاعل البشري الواقعي (Li et al., 2023). كما يُنصح بالدمج بين التفاعل الرقمي والتفاعل الواقعي، مع الحفاظ على الوقت المخصص للأنشطة الاجتماعية والعلاقات الأسرية، لضمان التوازن النفسي والاجتماعي.
في النهاية، يمثل الذكاء الاصطناعي وGPT فرصة كبيرة لدعم التعلم والصحة النفسية، لكن التحدي يكمن في استخدامه بطريقة واعية ومتوازنة. إن القدرة على الاستفادة من هذه التكنولوجيا مع الحفاظ على العلاقات الاجتماعية الواقعية مهارة أساسية في العصر الرقمي الحديث، وتؤكد أهمية الوعي الرقمي وإدارة الوقت لتحقيق الصحة النفسية والاجتماعية (Shen et al., 2023; Fitzpatrick et al., 2017).
- رابعاً: استراتيجيات الوقاية والتوازن الرقمي
مع تزايد التحديات النفسية والاجتماعية الناتجة عن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من الضروري اعتماد استراتيجيات واضحة للوقاية وتحقيق التوازن الرقمي. أول هذه الاستراتيجيات هو تحديد أوقات محددة لاستخدام الأجهزة الرقمية، إذ تشير الدراسات إلى أن وضع حدود زمنية يومية يقلل من مستويات القلق والاكتئاب، ويساعد الأفراد على التركيز في المهام الواقعية (Hunt, Marx, Lipson, & Young, 2018).
إضافة إلى ذلك، يُنصح بتشجيع التفاعل الواقعي المباشر مع الأسرة والأصدقاء، لأن العلاقات الحقيقية توفر الدعم العاطفي الذي لا تستطيع الشبكات الرقمية تقديمه بشكل كامل. فعلى سبيل المثال، برامج المدارس والمجتمعات التي تنظم لقاءات أسبوعية وورش عمل اجتماعية أظهرت انخفاضًا ملحوظًا في شعور الطلاب بالعزلة والوحدة مقارنةً بمن لم يشاركوا في هذه الأنشطة (Rideout & Robb, 2018).
كما تعتبر التوعية الرقمية جزءًا أساسيًا من التوازن، إذ يجب تعليم الشباب كيفية التعامل مع المعلومات والمحتوى الذي يواجهونه على الإنترنت، مع فهم أن المقارنات الاجتماعية على المنصات الرقمية غالبًا ما تكون غير واقعية (Kross et al., 2013). وعند توعية المستخدمين بهذه الحقائق، تقل لديهم مستويات القلق الناتج عن الشعور بالنقص أو “الخوف من فوات الشيء” (FOMO).
من ناحية أخرى، يمكن استخدام التطبيقات المساعدة في ضبط الوقت على الهواتف الذكية، مثل تطبيقات مراقبة الاستخدام وإشعارات التذكير للابتعاد عن الشاشات. وقد أظهرت دراسة كندية أن المشاركين الذين استخدموا هذه التطبيقات لفترات محددة قللوا من الوقت المخصص لوسائل التواصل بنسبة 50٪، مع تحسن واضح في النوم والمزاج (Hunt et al., 2018).
إلى جانب ذلك، من المهم تعزيز الهوايات والأنشطة الواقعية، كالرياضة، القراءة، أو التطوع، كبدائل للتفاعل الرقمي المستمر. فالأفراد الذين يخصصون وقتًا لهواياتهم الواقعية يشعرون بانخفاض القلق والاكتئاب، ويزيد لديهم شعور الإنجاز والرضا الذاتي، وهو ما يؤكد أهمية التوازن بين العالم الرقمي والحياة الواقعية (Twenge, 2019).
كما يمكن للأسرة أن تلعب دورًا فعالًا عبر إعداد بيئة منزلية متوازنة رقمياً، مثل تحديد أوقات للوجبات دون هواتف، أو تخصيص أوقات للعب والنشاطات المشتركة، ما يعزز الروابط الاجتماعية ويقلل من الاعتماد الرقمي (O’Keeffe & Clarke-Pearson, 2011). وقد أظهرت دراسة بريطانية أن الأسر التي اتبعت هذه الأساليب شهدت انخفاضًا في شكاوى الأطفال من القلق والاكتئاب المرتبط باستخدام الهواتف (Kelly, Zilanawala, Booker, & Sacker, 2018).
كما يمكن دمج التعليم النفسي الرقمي في المناهج الدراسية لتعليم الطلاب مهارات التعامل مع وسائل التواصل بشكل واعٍ، مثل التفكير النقدي في المحتوى، وحماية الخصوصية، وضبط الوقت، وهو ما يقلل من مخاطر التوتر النفسي والإدمان الرقمي (Andreassen et al., 2017).
وأخيرًا، يُنصح بممارسة الوعي الذاتي الرقمي، أي مراقبة المشاعر والاستجابات أثناء استخدام الوسائل الرقمية، والتوقف عند الشعور بالضغط أو القلق. هذه التقنية تساعد المستخدم على التحكم في سلوكه الرقمي وتحويل التجربة الرقمية إلى أداة إيجابية للتعلم والتواصل، بدل أن تكون مصدرًا للتوتر (Kuss & Griffiths, 2015).
بناءً على هذه الاستراتيجيات، يصبح من الممكن تحقيق توازن صحي بين العالم الرقمي والحياة الواقعية، مما يحمي الصحة النفسية، ويعزز جودة العلاقات الاجتماعية، ويقلل الإدمان الرقمي والتوتر النفسي المرتبط به. ويؤكد هذا أن التعامل الواعي مع وسائل التواصل ليس خيارًا، بل ضرورة أساسية للعيش بصحة نفسية مستقرة في العصر الرقمي المتسارع (Twenge, 2019; Hunt et al., 2018).
- الخاتمة والتوصيات
يتضح من خلال هذا المقال أن وسائل التواصل الاجتماعي، رغم مزاياها الكبيرة في تسهيل الاتصال وتبادل المعرفة، تحمل مخاطر نفسية واجتماعية حقيقية إذا تم الإفراط في استخدامها. فقد أظهرت الدراسات الحديثة أن الاستخدام المفرط يؤدي إلى القلق، والاكتئاب، والعزلة الاجتماعية، فضلاً عن الإدمان الرقمي الذي يؤثر على الحياة اليومية والأداء الأكاديمي والمهني (Twenge, 2019; Primack et al., 2017).
من جهة أخرى، تظهر الأبحاث أن الاستخدام المعتدل والمدروس لهذه المنصات يمكن أن يوفر دعمًا اجتماعيًا، ويزيد الانتماء للمجتمع الرقمي، ويساعد على التعلم واكتساب المهارات، ما يؤكد أن المشكلة ليست في التقنية نفسها، بل في طريقة التفاعل معها (Best, Manktelow, & Taylor, 2014).
لذلك، تصبح التوصيات التالية ضرورية للحفاظ على الصحة النفسية وتحقيق التوازن الرقمي:
-
- تحديد أوقات محددة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي: وضع حدود يومية يقلل من القلق والاكتئاب ويحسن التركيز (Hunt et al., 2018).
- تعزيز التفاعل الواقعي المباشر: اللقاءات الشخصية مع الأصدقاء والعائلة توفر الدعم العاطفي الذي لا توفره الشبكات الرقمية (Rideout & Robb, 2018).
- التوعية الرقمية والتعليم النفسي: تعليم الشباب كيفية التعامل مع المحتوى الرقمي، وفهم مخاطر المقارنات الاجتماعية، والتحكم بالوقت (Kross et al., 2013).
- ممارسة الهوايات والأنشطة الواقعية: كالرياضة، والقراءة، والتطوع، لتعزيز الصحة النفسية وتخفيف الضغط النفسي (Twenge, 2019).
- استخدام التطبيقات المساعدة للتحكم بالوقت: تطبيقات مراقبة الاستخدام تحد من الإدمان الرقمي وتحسن جودة النوم والتركيز (Hunt et al., 2018).
- الوعي الذاتي الرقمي: متابعة المشاعر والاستجابات أثناء التفاعل الرقمي، والتوقف عند الشعور بالضغط أو التوتر، لتقليل التأثيرات السلبية (Kuss & Griffiths, 2015).
- إعداد بيئة منزلية متوازنة رقمياً: مثل تخصيص أوقات بدون شاشات خلال الوجبات والأنشطة المشتركة بين الأسرة (O’Keeffe & Clarke-Pearson, 2011).
باختصار، إن التفاعل الواعي والمتوازن مع وسائل التواصل الاجتماعي يمثل الحل الأمثل للاستفادة من مزايا العالم الرقمي مع الحد من مخاطره النفسية والاجتماعية. إن اتباع التوصيات السابقة ليس رفاهية، بل ضرورة لضمان صحة نفسية مستقرة، وحياة اجتماعية متوازنة، وأداء أكاديمي ومهني أفضل في ظل العصر الرقمي المتسارع.
المراجع:
-
- Best, P., Manktelow, R., & Taylor, B. (2014). Online communication, social media and adolescent wellbeing: A systematic narrative review. Children and Youth Services Review, 41, 27–36. https://doi.org/10.1016/j.childyouth.2014.03.001
- Hunt, M. G., Marx, R., Lipson, C., & Young, J. (2018). No more FOMO: Limiting social media decreases loneliness and depression. Journal of Social and Clinical Psychology, 37(10), 751–768. https://doi.org/10.1521/jscp.2018.37.10.751
- Kross, E., Verduyn, P., Demiralp, E., Park, J., Lee, D. S., Lin, N., … & Ybarra, O. (2013). Facebook use predicts declines in subjective well-being in young adults. PLoS ONE, 8(8), e69841. https://doi.org/10.1371/journal.pone.0069841
- Kuss, D. J., & Griffiths, M. D. (2015). Social networking sites and addiction: Ten lessons learned. International Journal of Environmental Research and Public Health, 12(3), 128–150. https://doi.org/10.3390/ijerph12020128
- O’Keeffe, G. S., & Clarke-Pearson, K. (2011). The impact of social media on children, adolescents, and families. Pediatrics, 127(4), 800–804. https://doi.org/10.1542/peds.2011-0054
- Rideout, V., & Robb, M. B. (2018). Social media, social life: Teens reveal their experiences. Common Sense Media. https://www.commonsensemedia.org/research/social-media-social-life-2018
- Primack, B. A., Shensa, A., Sidani, J. E., Whaite, E. O., Lin, L. Y., Rosen, D., Colditz, J. B., Radovic, A., & Miller, E. (2017). Social media use and perceived social isolation among young adults in the U.S. American Journal of Preventive Medicine, 53(1), 1–8. https://doi.org/10.1016/j.amepre.2017.01.010
- Twenge, J. M. (2019). iGen: Why today’s super-connected kids are growing up less rebellious, more tolerant, less happy–and completely unprepared for adulthood. Atria Books.
-
- Andreassen, C. S., Pallesen, S., & Griffiths, M. D. (2017). The relationship between addictive use of social media, narcissism, and self-esteem: Findings from a large national survey. Addictive Behaviors, 64, 287–293. https://doi.org/10.1016/j.addbeh.2016.03.006
- Hunt, M. G., Marx, R., Lipson, C., & Young, J. (2018). No more FOMO: Limiting social media decreases loneliness and depression. Journal of Social and Clinical Psychology, 37(10), 751–768. https://doi.org/10.1521/jscp.2018.37.10.751
- Kelly, Y., Zilanawala, A., Booker, C., & Sacker, A. (2018). Social media use and adolescent mental health: Findings from the UK Millennium Cohort Study. EClinicalMedicine, 6, 59–68. https://doi.org/10.1016/j.eclinm.2018.12.005
- Kross, E., Verduyn, P., Demiralp, E., Park, J., Lee, D. S., Lin, N., … & Ybarra, O. (2013). Facebook use predicts declines in subjective well-being in young adults. PLoS ONE, 8(8), e69841. https://doi.org/10.1371/journal.pone.0069841
- Kuss, D. J., & Griffiths, M. D. (2015). Social networking sites and addiction: Ten lessons learned. International Journal of Environmental Research and Public Health, 12(3), 128–150. https://doi.org/10.3390/ijerph12020128
- O’Keeffe, G. S., & Clarke-Pearson, K. (2011). The impact of social media on children, adolescents, and families. Pediatrics, 127(4), 800–804. https://doi.org/10.1542/peds.2011-0054
- Rideout, V., & Robb, M. B. (2018). Social media, social life: Teens reveal their experiences. Common Sense Media. https://www.commonsensemedia.org/research/social-media-social-life-2018
- Twenge, J. M. (2019). iGen: Why today’s super-connected kids are growing up less rebellious, more tolerant, less happy–and completely unprepared for adulthood. Atria Books.
-
- Andreassen, C. S., Pallesen, S., & Griffiths, M. D. (2017). The relationship between addictive use of social media, narcissism, and self-esteem: Findings from a large national survey. Addictive Behaviors, 64, 287–293. https://doi.org/10.1016/j.addbeh.2016.03.006
- Hunt, M. G., Marx, R., Lipson, C., & Young, J. (2018). No more FOMO: Limiting social media decreases loneliness and depression. Journal of Social and Clinical Psychology, 37(10), 751–768. https://doi.org/10.1521/jscp.2018.37.10.751
- Kuss, D. J., & Griffiths, M. D. (2015). Social networking sites and addiction: Ten lessons learned. International Journal of Environmental Research and Public Health, 12(3), 128–150. https://doi.org/10.3390/ijerph12020128
- Rideout, V., & Robb, M. B. (2018). Social media, social life: Teens reveal their experiences. Common Sense Media. https://www.commonsensemedia.org/research/social-media-social-life-2018
- Rosen, L. D., Whaling, K., Carrier, L. M., Cheever, N. A., & Rokkum, J. (2013). The media and technology usage and attitudes scale: An empirical investigation. Computers in Human Behavior, 29(6), 2501–2511. https://doi.org/10.1016/j.chb.2013.06.006
- Scott, H., Biello, S. M., & Woods, H. C. (2019). Social media use and adolescent sleep patterns: Cross-sectional findings from the UK millennium cohort study. BMJ Open, 9(9), e031161. https://doi.org/10.1136/bmjopen-2019-031161
- Twenge, J. M., Martin, G. N., & Spitzberg, B. H. (2019). Trends in US adolescents’ media use, 1976–2016: The rise of digital media, the decline of TV, and the (near) demise of print. Psychology of Popular Media, 8(4), 329–345. https://doi.org/10.1037/ppm0000203
- Wright, J. (2019). Digital device usage and musculoskeletal health: A review. Journal of Physical Therapy Science, 31(10), 800–808. https://doi.org/10.1589/jpts.31.800
-
- Hunt, M. G., Marx, R., Lipson, C., & Young, J. (2018). No more FOMO: Limiting social media decreases loneliness and depression. Journal of Social and Clinical Psychology, 37(10), 751–768. https://doi.org/10.1521/jscp.2018.37.10.751
- Kross, E., Verduyn, P., Demiralp, E., Park, J., Lee, D. S., Lin, N., … & Ybarra, O. (2013). Facebook use predicts declines in subjective well-being in young adults. PLoS ONE, 8(8), e69841. https://doi.org/10.1371/journal.pone.0069841
- O’Keeffe, G. S., & Clarke-Pearson, K. (2011). The impact of social media on children, adolescents, and families. Pediatrics, 127(4), 800–804. https://doi.org/10.1542/peds.2011-0054
• Primack, B. A., Shensa, A., Sidani, J. E., Whaite, E. O., Lin, L. Y., Rosen, D., Colditz, J. B., Radovic, A., & Miller, E. (2017). Social media use and perceived social isolation among young adults in the U.S. American Journal of Preventive Medicine, 53(1), 1–8. https://doi.org/10.1016/j.amepre.2017.01.010
• Rideout, V., & Robb, M. B. (2018). Social media, social life: Teens reveal their experiences. Common Sense Media. https://www.commonsensemedia.org/research/social-media-social-life-2018
• Twenge, J. M. (2019). iGen: Why today’s super-connected kids are growing up less rebellious, more tolerant, less happy–and completely unprepared for adulthood. Atria Books.
• University of California. (2024, May 10). Social media’s impact on our mental health and tips to use it safely. https://health.ucdavis.edu/blog/cultivating-health/social-medias-impact-our-mental-health-and-tips-to-use-it-safely/2024/05
• Elhai, J. D., Levine, J. C., Dvorak, R. D., & Hall, B. J. (2017). Non-social features of smartphone use are most related to depression, anxiety and problematic smartphone use. Computers in Human Behavior, 69, 75–82. https://doi.org/10.1016/j.chb.2016.12.023
• Hunt, M. G., Marx, R., Lipson, C., & Young, J. (2018). No more FOMO: Limiting social media decreases loneliness and depression. Journal of Social and Clinical Psychology, 37(10), 751–768. https://doi.org/10.1521/jscp.2018.37.10.751
• Kelly, Y., Zilanawala, A., Booker, C., & Sacker, A. (2018). Social media use and adolescent mental health: Findings from the UK Millennium Cohort Study. EClinicalMedicine, 6, 59–68. https://doi.org/10.1016/j.eclinm.2018.12.005
• Primack, B. A., Shensa, A., Sidani, J. E., Whaite, E. O., Lin, L. Y., Rosen, D., Colditz, J. B., Radovic, A., & Miller, E. (2017). Social media use and perceived social isolation among young adults in the U.S. American Journal of Preventive Medicine, 53(1), 1–8. https://doi.org/10.1016/j.amepre.2017.01.010
• Przybylski, A. K., Murayama, K., DeHaan, C. R., & Gladwell, V. (2013). Motivational, emotional, and behavioral correlates of fear of missing out. Computers in Human Behavior, 29(4), 1841–1848. https://doi.org/10.1016/j.chb.2013.02.014
• Scott, H., Biello, S. M., & Woods, H. C. (2019). Social media use and adolescent sleep patterns: Cross-sectional findings from the UK millennium cohort study. BMJ Open, 9(9), e031161. https://doi.org/10.1136/bmjopen-2019-031161
• Twenge, J. M., Joiner, T. E., Rogers, M. L., & Martin, G. N. (2018). Increases in depressive symptoms, suicide-related outcomes, and suicide rates among U.S. adolescents after 2010 and links to increased new media screen time. Journal of Abnormal Psychology, 127(6), 613–629. https://doi.org/10.1037/abn0000410
• Best, P., Manktelow, R., & Taylor, B. (2014). Online communication, social media and adolescent wellbeing: A systematic narrative review. Children and Youth Services Review, 41, 27–36. https://doi.org/10.1016/j.childyouth.2014.03.001
• Keles, B., McCrae, N., & Grealish, A. (2020). A systematic review: The influence of social media on depression, anxiety and psychological distress in adolescents. International Journal of Adolescence and Youth, 25(1), 79–93. https://doi.org/10.1080/02673843.2019.1590851
• O’Keeffe, G. S., & Clarke-Pearson, K. (2011). The impact of social media on children, adolescents, and families. Pediatrics, 127(4), 800–804. https://doi.org/10.1542/peds.2011-0054
• Primack, B. A., Shensa, A., Sidani, J. E., Whaite, E. O., Lin, L. Y., Rosen, D., Colditz, J. B., Radovic, A., & Miller, E. (2017). Social media use and perceived social isolation among young adults in the U.S. American Journal of Preventive Medicine, 53(1), 1–8. https://doi.org/10.1016/j.amepre.2017.01.010
• Rideout, V., & Robb, M. B. (2018). Social media, social life: Teens reveal their experiences. Common Sense Media. https://www.commonsensemedia.org/research/social-media-social-life-2018
• Twenge, J. M. (2023). iGen: Why today’s super-connected kids are growing up less rebellious, more tolerant, less happy–and completely unprepared for adulthood. Atria Books.
• World Health Organization (WHO). (2024). Teens, screens and mental health: Global report. WHO. https://www.who.int/europe/news/item/25-09-2024-teens–screens-and-mental-health
-
Fitzpatrick, K. K., Darcy, A., & Vierhile, M. (2017). Delivering cognitive behavior therapy to young adults with symptoms of depression and anxiety using a fully automated conversational agent (Woebot): A randomized controlled trial. JMIR Mental Health, 4(2), e19. https://doi.org/10.2196/mental.7785
-
Kumar, R., Gupta, S., & Singh, P. (2024). Human-AI interaction: Impacts on social skills and psychological well-being. Computers in Human Behavior, 150, 107116. https://doi.org/10.1016/j.chb.2023.107116
-
Li, X., Zhao, Y., & Wang, H. (2023). AI companions and social isolation: Balancing human and artificial interactions. International Journal of Human-Computer Studies, 178, 103780. https://doi.org/10.1016/j.ijhcs.2023.103780
-
OpenAI. (2024). ChatGPT usage patterns and impacts on learning and social interaction. OpenAI Research. https://openai.com/research
-
Shen, Y., He, J., & Xu, Z. (2023). ChatGPT and mental health support: Opportunities and challenges. Frontiers in Psychology, 14, 1176543. https://doi.org/10.3389/fpsyg.2023.1176543